سورة سبأ - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (سبأ)


        


{فأعرضوا} عن أمر الله تعالى بتكذيب الرُّسل {فأرسلنا عليهم سيل العرم} وهو السِّكْر الذي يحبس الماء، وكان لهم سِكْرٌ يحبس الماء عن جنَّتيهم، فأرسل الله تعالى فيه جرذاناً ثقبته، فانبثق الماء عليهم، فغرق جنَّاتهم {وبدلناهم بجنَّتيهم جنتين ذواتي أكل خمط} أَيْ: ثمرٍ مُرٍّ {وأثل} وهو الطَّرفاء {وشيء من سدر قليل} وذلك أنَّ الله تعالى أهلك أشجارهم المثمرة، وأنبت بدلها الأراك والطَّرفاء والسِّدر.
{وذلك جزيناهم بما كفروا} أَيْ: جزيناهم ذلك الجزاء بكفرهم {وهل نجازي إلاَّ الكفور} بسوء عمله، وذلك أنَّ المؤمن تُكفَّر عنه سيئاته، والكافر يُجازى بكلِّ سوءٍ يعمله.
{وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها} يعني: قرى الشَّام، {قرى ظاهرة} متواصلةً، يُرى من هذه القرية القرية الأخرى، فكانوا يخرجون من سبأ إلى الشَّام، فيمرُّون على القرى العامرة {وقدرنا فيها السير} جعلنا سيرَهم بمقدارٍ، إذا غدا أحدهم من قريةٍ قال في أخرى، وإذا راح من قريةٍ أوى إلى أخرى، وقلنا لهم: {سيروا فيها} في تلك القرى {ليالي وأياماً} أَيَّ وقت شئتم من ليلٍ أو نهارٍ {آمنين} لا تخافون عدوَّاً ولا جوعاً ولا عطشاً.
{فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا} وذلك أنَّهم سئموا الرَّاحة، وبطروا النِّعمة فتمنَّوا أن تتباعد قراهم ليبعد سفرهم بينها {وظلموا أنفسهم} بالكفر والبطر {فجعلناهم أحاديث} لمَنْ بعدهم يتحدَّثون بقصَّتهم {ومزَّقناهم كلَّ ممزق} وفرَّقناهم في البلاد، فصاروا يُتمثَّل بهم في الفُرقة، وذلك أنَّهم ارتحلوا عن أماكنهم وتفرَّقوا في البلاد {إنَّ في ذلك} الذي فعلنا {لآيات لكلّ صبار شكور} أَيْ: لكلِّ مؤمنٍ؛ لأنَّ المؤمن هو الذي إذا ابتُليَ صبر، وإذا أُعطيَ شكر.


{ولقد صدَّق عليهم إبليس ظنَّه} الذي ظنَّ بهم من إغوائهم {فاتبعوه إلاَّ فريقاً من المؤمنين} أَيْ: وجدهم كما ظنَّ بهم إلاَّ المؤمنين.
{وما كان لهم عليهم من سلطان} من حجَّةٍ يستتبعهم بها {إلاَّ لنعلم} المعنى: لكن امتحانهم بإبليس لنعلم {مَنْ يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك} عُلِمَ وقوعه منه.
{قل} يا محمد لمشركي قومك: {ادعوا الذين زعمتهم} أنَّهم آلهةٌ {من دون الله} وهذا أمرُ تهديدٍ، ثمَّ وصفهم فقال: {لا يملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وما لهم فيهما} في السَّموات ولا في الأرض {من شرك} شركةٍ {وما له} لله {منهم من ظهير} عونٍ. يريد: لم يُعنِ اللَّهَ على خلق السَّموات والأرض آلهتُهم، فكيف يكونون شركاء له؟ ثمَّ أبطل قولهم أنَّهم شفعاؤنا عند الله فقال: {ولا تنفع الشفاعة عنده إلاَّ لمن أذن له} أَيْ: أذن الله له أن يشفع {حتى إذا فزّع} أذهب الفزع {عن قلوبهم} يعني: كشف الفزع عن قلوب المشركين بعد الموت إقامةً للحجَّة عليهم وتقول لهم الملائكة: {ماذا قال ربكم}؟ فيما أوحى إلى أنبيائه {قالوا الحق} فأقرُّوا حين لا ينفعهم الإِقرار.


{قل من يرزقكم من السموات} المطر {و} من {الأرض} النَّبات، ثمَّ أمره أن يخبرهم فقال: {قل الله} أَيْ: الذي يفعل ذلك الله، وهذا احتجاجٌ عليهم، ثمَّ أمره بعد إقامة الحجَّة عليهم أن يُعرَّض بكونهم على الضَّلال فقال: {وإنا أو إياكم لعلى هدىً أو في ضلال مبين} أَيْ: نحن أو أنتم إمَّا على هدىً أو ضلالٍ، والمعنى: أنتم الضَّالون حيث أشركتم بالذي يرزقكم من السَّماء والأرض، وهذا كما تقول لصاحبك إذا كذب: أحدنا كاذبٌ، وتعنيه، ثمَّ بيَّن براءته منهم ومن أعمالهم فقال: {قل لا تسألون عما أجرمنا...} الآية. وهذا كقوله تعالى: {لكم دينكم ولي دين} ثمَّ أخبر أنَّه يجمعهم في القيامة، ثمَّ يحكم بينهم، وهو قوله تعالى: {قل يجمع بيننا ربنا ثمَّ يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم}.
{قل أروني الذين ألحقتم به شركاء} ألحقتموهم بالله تعالى في العبادة، يعني: الأصنام، أَيْ: أرونيهم هل خلقوا شيئاً، وهذه الآية مختصرةٌ، تفسيرها قوله تعالى: {قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دُونِ اللَّهِ أروني ماذا خلقوا من الأرضِ أَمْ لهم شِركٌ في السَّموات} ثمَّ قال: {كلا} أيْ: ليس الأمر على ما يزعمون {بل هو الله العزيز الحكيم}.
{وما أرسلناك إلاَّ كافَّة للناس} جامعاً لهم كلَّهم بالإِنذار والتَّبشير {ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون} ذلك.

1 | 2 | 3 | 4